الاتحاد العمالي العام: انتظرونا نهار الثلاثاء
تتخبط البلاد في أزمة اقتصادية خطيرة يقع ضحيتها الجميع، إنّما للعمال والموظفين النصيب الأكبر، حيث أصبح عدد كبير منهم بلا مدخول نتيجة إقفال المؤسسات والمعامل بسبب عدم القدرة على الإستمرار. في خضم هذا المشهد يسأل كثيرون عن دور الاتحاد العمالي، والذي من المفترض أن يشكّل الضمانة والحماية لحقوق الفئات العاملة. فهل هو موجود وفاعل؟ أم غائب عن المشهد؟
العمالي العام: نعمل وفق آليات خاصة بنا
ينفي عضو الاتحاد العمالي العام بطرس سعاده في حديث لـ “أحوال” أي غياب للاتحاد عن مشهد التطورّات الاقتصادية منذ بدء التحركات في السابع عشر من تشرين الاول الماضي، حتى اليوم؛ ويوضح، “عدم النزول إلى الشارع والانخراط في لعبة قطع الطرقات، وتكسير المحلات لايعني أنّنا غير موجودين”. ويضيف: “نحن نقوم بعملنا وفق آليات معيّنة متعارف عليها في كل الاتحادات العمالية في العالم، والتي تقوم على العلاقة بين أطراف ثلاثة هم الدولة وأرباب العمل والعمال؛ وعلى ضوء هذه المعادلة يقوم الاتحاد العمالي بتحديد مواقفه وتحركاته”. ويتابع، تدخلنا ومازلنا نتدخل لدى أرباب العمل لمنع تسريح العمال والموظفين بحجة الضائقة الاقتصادية؛ لافتاً إلى عقد اجتماعات مستمرة مع الضمان الاجتماعي لزياة نسبة التقديمات الاجتماعية التي تتناسب مع الظروف الحالية.
“سعادة” يرى أنّ معظم التحركات التي تجري في الشارع اليوم هي ممّولة من جهات خارجية تعمل على إلحاق الضرر بالبلاد مستغلة الضائقة المعيشية الخانقة. ولذا لا يمكن للاتحاد أن يكون جزءاً من هذ التحركات. “نحن اول من طالبنا القضاء بالتدخل لوضع يده على ملف تهريب الأموال الى الخارج”.
انتظرونا نهار الثلاثاء
وعن الاجتماع المقرّر عقده نهار الثلاثاء المقبل للمجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العالم وما يمكن ان ينتج عنه من مواقف، يؤكد سعاده أنّ قرارات كبيرة ستصدر، وسيكون لها وقع مؤثر. ويضيف: هذا الاجتماع ما هو إلا البداية، واذ ما استمرت الامور على هذا النحو، فستكون لنا مواقف حاسمة بدءاً من المطار وصولاً الى المرفأ مروراً بكل الادارات العامة. ويتابع: إذا كان الموجودن في الشارع قادرين على قطع الطرقات، فإنّ الاتحاد العمالي قادرعلى إقفال البلاد بكاملها؛ مشيراً إلى زيارة قام بها وفد من الاتحاد إلى رئيس حكومة تصريف الاعمال تم خلالها وضعه في صورة ما قد يقدم عليه الاتحاد من تحركات إن لم تصطلح الامور ويجري تشكيل حكومة.
الاتحاد ضعيف ومغيب؟
من جهة أخرى، لا يوافق علي محي الدين، نائب رئيس اتحاد نقابات النقل البري في لبنان على ما لفت إليه بطرس سعاده. ويوضح لـ “أحوال” أنّه منذ فترة من الزمن والاتحاد العمالي العام غائب عن ممارسة مهامه بسبب وضع اليد عليه من قبل قوى سياسية معينة صادرت قراره، التي جيّرتها لمصالحها الحزبية والانتخابية. ويضيف قائلاً: “بعد إتفاق الطائف ومجيء الرئيس رفيق الحريري إلى الحكم، بدأت محاولات ضرب الاتحاد العمالي العام وتصفية حضوره، تُوجت بإزاحة الياس ابو رزق عن رئاسة الاتحاد عام 2000 وانتخاب غصن بدلاً منه؛ مدعوماً من قوى حزبية وسياسية كانت تمثل السلطة انذاك. ويلفت محي الدين إلى أنّه “بعد اتفاق الطائف وانتهاء الحرب الاهلية قام الاتحاد بتحديد موقفه من مسألة إعادة بناء الدولة، والتي ترتكز على تعزيز قطاعات الانتاج والتعليم الرسمي والمستشفيات الحكومية، فكانت ردة الفعل من قبل السلطة الحاكمة آنذاك هي محاولة إضعاف الإتحاد عبر إعادة هيكلته من جديد تمهيداً للتدخل في شؤونه؛ مذكراً بمحطات هامة في تاريخ الاتحاد العمالي تمكّن خلالها من انتزاع مطالب محقة للعمال حتى في زمن الحرب الاهلية. ويضيف: “اليوم تغيّر المشهد، فالإتحاد فقد دروه إلى حد كبير نتيجة إنعزاله عن الناس وعدم وجود نقابيين على المستوى المطلوب يتولون إدارته”.
غير متفائلين بالنتائج
ولا يبدي محي الدين تفاؤلاً بنتائج اجتماع الثلاثاء، والسبب بحسب رأيه أنّ الشخصية الإعتبارية للإتحاد، والتي كانت موجود قبل عام 2000 لم تعد موجودة اليوم، واصفاً الاجتماع بإنه لحفظ ماء الوجه وليس أكثر؛ داعياً محي الدين لإنتظار النتائج ويقول: “نحن نمثل المعارضة داخل الاتحاد ونحن ننتظر ما سيصدر من مواقف لنبني على الشيئ مقتضاه”. إلى ذلك، يدعو المعارضة إلى تصحيح مسارها وأن تتحوّل إلى معارضة حقيقية لها برنامج إقتصادي إجتماعي واضح على غرار البرنامج الإصلاحي للحركة الوطنية بقيادة كمال جنبلاط ، لكي تتمكّن من فرض شروطها.
المشكلة في غياب المسؤولين
أما نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، فيقول لإحوال :”يُخطئ من يعتقد أن دور الاتحاد يقتصر فقط على الدعوة إلى إضرابات وتظاهرات. نحن لنا دور اخر هو إيصال مطالب العمال إلى المسؤولين في الدولة، ومناقشتها معهم”.
ويتابع، نحن نرصد الوضع منذ العام 2019 ونواكب كل التطورات، ولكن المشكلة في غياب مسؤولي الدولة نتيجة إستقالة الحكومة وتحوّلها الى حكومة تصريف اعمال. لذلك لا نجد من نتابع معه، إضافة إلى ذلك جاء وباء كورونا ليزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي نتيجة توقف دورة الحياة الاقتصادية بشكل كبير، الأمر الذي نتج عنه تفاقم مشكلة البطالة، لذلك ندعو إلى الإسراع في عمليات التلقيح وخاصة للعمال والموظفين، لكي تعود عجلة الإنتاج للدوران من جديد. وفي السياق نفسه، يشير فقيه إلى زيارة وفد من الاتحاد إلى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ويقول:”ذهبنا لنشكو له فإذا به يشكو لنا”. وينقل عن سعد الحريري ما قاله للوفد “هذه شروطي لتشكيل الحكومة، وإن لم يعجبهم فهم أحرار”.
المبادرة مازالت في يدنا
فقيه يتوقف عند اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي المزمع عقده نهار الثلائاء المقبل ويقول: “قد نضطر لتأجيل الاجتماع ليوم او يومين بانتظار نتائج اجتماعنا مع الهيئات الاقتصادية نهار الاربعاء المقبل”. لافتاً إلى خطة تحرّك متدحرجة تشمل كل المناطق. “وسيرى الجميع كيف أن الاتحاد العمالي مازال يملك زمام المبادرة”.
نبيل المقدم